News

Buttons/Back Created with Sketch. Back to News Page

عام

الكتل الجليدية: خزانات الطبيعة ودورها في استدامة الموارد المائية

د. المؤيد السيد
مدير مركز المياه والبيئة والتغيير المناخي، الجمعية العلمية الملكية

تمثل الأنهار الجليدية أحد أهم المخازن الطبيعية للمياه العذبة على سطح الأرض، حيث توفر إمدادات حيوية لمليارات البشر في مختلف أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن التغير المناخي، الناجم عن ارتفاع
انبعاثات غازات الدفيئة، يُعجّل من وتيرة ذوبان هذه الأنهار بمعدلات غير مسبوقة، ما يهدد الأمن المائي العالمي ويؤدي إلى تفاقم مخاطر الفيضانات، الجفاف، والانهيارات الأرضية.

في إطار يوم المياه العالمي لعام 2025، الذي يُحتفل به في 22 آذار، حددت الأمم المتحدة شعار هذا العام ليكون “الحفاظ على الأنهار الجليدية”، تأكيدًا على الأهمية الاستراتيجية لهذه الموارد في إمداد العالم بالمياه العذبة وتعزيز الاستدامة البيئية. ومن الجدير بالذكر أن حوالي 70% من المياه العذبة على كوكب الأرض مخزنة في الأنهار والكتل الجليدية، ما يجعلها ضرورية لحوالي ملياري شخص، لاسيما في مناطق مثل جبال الألب، الهيمالايا، القوقاز، كلمنجارو، كينيا، والأنديز الاستوائية [1].

 

 

تأثير التغير المناخي على الأنهار الجليدية

على الرغم من الدور الحاسم الذي تلعبه الأنهار الجليدية في النظم البيئية والهيدرولوجية، فإن ارتفاع درجات الحرارة العالمية أدى إلى تراجع كتلها الجليدية بمعدلات متسارعة. وتشير النماذج المناخية إلى أن فقدان الكتلة الجليدية قد يصل إلى 26% بحلول عام 2100 إذا ارتفعت حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، في حين قد يتجاوز هذا الفقدان 40% إذا بلغت الزيادة 4 درجات مئوية. وتؤدي هذه التغيرات إلى تداعيات بيئية خطيرة، تشمل الفيضانات الناجمة عن ارتفاع منسوب المياه الذائبة، تراجع الموارد المائية العذبة، واضطرابات في النظم البيئية [2]. لذا، فإن تبني سياسات مناخية صارمة تفوق الالتزامات الواردة في اتفاقية باريس للمناخ أصبح أمرًا بالغ الأهمية.

التحديات المائية في الأردن

يواجه الأردن واحدة من أكبر أزمات شح المياه عالميًا، حيث يعتمد حوض نهر الأردن بشكل أساسي على التغذية القادمة من الكتل الجليدية في جبل الشيخ. إلا أن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الهطول الثلجي تسببا في انخفاض الجريان المائي، مما أدى إلى تراجع التغذية الطبيعية للأحواض الجوفية وتقليل تدفق المياه في نهري اليرموك والأردن.

جبل الشيخ

 

وفي ظل هذه الظروف، لا تتجاوز حصة الفرد من المياه في الأردن 61 مترًا مكعبًا سنويًا، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 35 مترًا مكعبًا بحلول عام 2040، وهو مستوى أقل بكثير من حد الفقر المائي المدقع عالميًا، الذي يبلغ 500 متر مكعب سنويًا [3].

دور الجمعية العلمية الملكية في مواجهة تحديات المياه والتغير المناخي

انطلاقًا من أهمية الحفاظ على الموارد المائية، تضطلع الجمعية العلمية الملكية بدور رئيسي في تعزيز استدامة المياه من خلال مركز المياه والبيئة والتغير المناخي والمركز الوطني لبحوث الطاقة. وتشمل جهود الجمعية عددًا من المبادرات والمشاريع الاستراتيجية، من بينها:

 

تتطلب مواجهة التحديات المائية نهجًا تكامليًا يجمع بين الحكومة، المؤسسات البحثية، والمجتمع المدني. وفي هذا السياق، تعمل الجمعية العلمية الملكية على تنفيذ حملات توعوية تستهدف مختلف الفئات، فضلًا عن تعزيز التعاون مع الجهات المعنية لتنفيذ مشاريع مبتكرة تُسهم في إدارة الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة واستدامة.

يمثل تسارع ذوبان الأنهار الجليدية تهديدًا جوهريًا للأمن المائي العالمي، مما يستوجب اتخاذ تدابير عاجلة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتعزيز الاستراتيجيات المستدامة لإدارة الموارد المائية. ومن خلال تعزيز التعاون البحثي وتطوير حلول تكنولوجية مبتكرة، يمكن للدول المتضررة، مثل الأردن، التكيف مع هذه التحديات وضمان استدامة المياه للأجيال القادمة.

 

المراجع

[1] & [2] Zemp, M., Huss, M., Eckert, N., McNabb, R., Hock, R., Kääb, A., … & Paul, F. (2023). Global glacier change in the 21st century: Every increase in temperature matters. Science, 379(6627), 78-83. https://doi.org/10.1126/science.abo1324

[3] وزارة المياه والري، الأردن. (2023). استراتيجية المياه الأردنية 2023-2040. متاح على: www.mwi.gov.jo

RSS